مقالات

كلمات شائعة فى حياتنا.. بقلم: د. بلال محمد على ماهر

تنتشر فى حياتنا اليومية الاجتماعية والإعلامية والتعليمية والتربوية والمهنية عديد من الكلمات الهامة والتى يفهمها البعض فهمًا صحيحًا وربما يختلط مفهومها الصحيح على البعض الآخر. ومن أمثال هذه الكلمات:  الثقافة، والفن، والإبداع، والابتكار، والاختراع، والعادات والتقاليد، والتراث، والقوة الناعمة،… وغيرها من المصطلحات.  وفيما يلى نعرض موجزًا لتعريف كل كلمة، ومفهومها الصحيح، وأهم سماتها وأهدافها على مر العصور.

كلمة «ثقافة» مشتقة من الثِقاف وهو آلة يدوية بسيطة استخدمها العرب القدماء فى تقويم الرماح وتهذيب السهام كى تكون صالحة للاستخدام، صائبة الهدف بكفاءة ويسر. وبذلك يكون المفهوم الحقيقى للثقافة أنها عملية تقويم عام وتهذيب للسلوك والتعاملات بين الناس لإحياء مجتمع متحضر لتعزيز القيم الأصيلة، وترسيخ المبادئ الإنسانية السامية، وشيوع الأخلاقيات النبيلة لبناء إنسان سوى واعٍ ومستنير.  وجدير بالذكر التنبيه على أهمية القيم الروحية، والشرائع السماوية، والمبادئ الأخلاقية فهى الوعاء الذهبى للثقافة والتنوير.  وللثقافة أنماط متعددة منها:  ثقافة النفس، وثقافة العقل، وثقافة الغذاء، وثقافة الجسد، وثقافة التعامل مع الآخرين، وثقافة الانتماء, وثقافة القانون، وثقافة النقد، وثقافة المعارضة، وثقافة الحوار، وثقافة العلوم، وثقافة الفنون بجميع أشكالها وأنماطها،… وغيرها من الثقافات المتعددة بالغة القيمة والأهمية.  أى أن الثقافة صانعة التحضر والموقف السوى للإنسان الواعى المستنير.

ننتقل إلى كلمة «فن»، فالفن الهادف هو التروى والدقة دون زيادة، وإتقان الأداء دون تجاوز، وسلامة الغاية دون انحراف.  وللفنون الهادفة أنواع متعددة منها:  فنون الدعوة والإرشاد، وفنون القتال وإدارة المعارك، وفنون الطب، وفنون الهندسة والبناء والمعمار، وفنون التكنولوجيا والصناعة، وفنون اتخاذ القرار، وفنون الترشيد والاقتصاد، وفنون الإدارة والقيادة، وفنون التربية والتعليم، وفنون الابتكار والاختراع، وفنون التعليم العالى والبحث العلمى، وفنون الزراعة والتجارة، والفنون الحرفية والتطبيقية، والفنون الجميلة والزخرفة، والفنون الدرامية المسرحية، والفنون الشعرية والأدبية والنقدية، والفنون الموسيقية، والفنون التعبيرية والتشكيلية، والفنون الشعبية والفلكلور، والفنون الإعلامية، والفنون الإعلانية،… وغيرها من الفنون.  أما الفنون غير الهادفة فهى جميع الفنون الهدامة التى تروج للفجور والرزيلة والتى تتجاوز مبادئ الشرائع السماوية والقيم الأخلاقية الأصيلة.

ننتقل إلى كلمة  «إبداع»، فالبَديعُ اسمٌ من أسماءِ الله الحُسْنى،  هو فاطِرُ الخَلْقِ مُبْتدعًا على غير مثالٍ سَبَق، وهو بديعٌ بمعنى مُبْدِع،  والإبداعُ الإلهيُ مُنَزهٌ عن غيره من الإبداعات، جديٌر بالتأملِ والتَدَبْر تعظيمًا وإجلالًا للذات الإلهية.  أما الإبداع الإنسانى فهو لا يتعدى اكتشاف ما خلق الله المُبْدع الأول لكل شيئ ولا ينحرف عنه.  وإلإبداعات الإنسانية المشروعة كإبداعات الآداب والعلوم والفنون هى بالقطع إبداعاتٌ بناءة تعود على الإنسان بالنفع والخير.  أما الإبداعات البشرية غير المشروعة التى تُبَدِلُ خَلْقَ الله، فهى إبداعاتٌ هدامةٌ تعود على الإنسان بالضرر والشر، ومنها ما هو إثمٌ كاملٌ، ومنها ما إثمه أكبر من نفعه.  ومن أسوأ الإبداعات الهدامة ــ وهى بدع مضلة ــ الأعمال الدرامية الهابطة، والإسفاف والابتذال، والإباحية الممقوتة بجميع أشكالها وأنواعها.

ننتقل إلى كلمة «ابتكار» وهى تعبر عن تكوين مجموعة من التصميمات المتكاملة المركبة من مكونات متاحة، واستخدام هذه التصميمات فى تخليق منتج جديد، غير مألوف وغير معروف سلفًا. ومن ناحية أخرى، يعرف الابتكار بأنّه طرح فكرة جديدة وفريدة من نوعها، وصياغتها بطريقة صحيحة، وتوفير الوسائل والأدوات التى تساعد على تطبيقها واقعيًا.

ننتقل إلى كلمة «اختراع» وهو عبارةٌ عن صياغة فكرةٍ ما بالاعتماد على أفكار سابقة أو أفكار جديدة.  كما يعد الاختراع وسيلة عملية يعتمد عليها الإنسان فى تحقيق مجموعة من الأفكار التى تساهم فى التطور البشرى، وتقديم خدمة جديدة، أو تكنولوجيا متطوّرة.  والاختراع يعنى الإيجاد من عدم وهو مرادف للإبداع، ولذلك وجب استبداله باسم الابتكار.

ننتقل إلى كلمتى «العادات والتقاليد» فالعادات والتقاليد تختلف ما بين الشعوب قاطبة، وهى كل ما توارثته الأجيال من أفعال وأقوال والتى تبقى سائدة فى المناسبات والطقوس الدينية والوطنية والاجتماعية ومن أمثالها:  مظاهر الاحتفالات الدينية، وعادات الأعراس والمآتم، وولادة الأطفال، ومظاهر أعياد الربيع والحصاد، والأمثلة الشعبية الدارجة، والحكم والمواعظ الهادفة، والنكات الهزلية الساخرة، والتعليقات الواقعية المعبرة.

ننتقل إلى كلمة «تراث» وهو عديد الموروثات السالفة، منها المعنوية ومنها المادية، والتى تختلف من شعب لآخر، لكنها تتحد فى سمة مشتركة وهى الاستمرارية.  والموروثات المعنوية تشمل العادات والتقاليد والأفكار والأخلاق، أما الموروثات المادية فتشمل كل ما تركه القدماء من إرث حضارى مثل: الآثار، والآلات البدائية، والمسكوكات، والنقوش، وأدوات القتال، والرسومات التعبيرية والفنية، والآداب والعلوم والفنون.  ويختلف التراث من قومية إلى أخرى تبعًا للفترات الزمنية المتعاقبة،  وتبعًا لسمات شعوبها المتباينة التى اتخذت أنظمة متميزة تعايشت معها وحافظت عليها.   وعبر العصور المتعاقبة ظهرت القوميات الأممية التى حافظت على تراثها، واعتزت بروادها وعلمائها ومفكريها، واختصت كل منها بعقيدة وأخلاق ولغة ومعاملات وعادات وتقاليد وأرض وشعب.

ننتقل إلى كلمة «القوى الناعمة» وهو مصطلح شائع الاستخدام فى مجال الثقافة والإعلام، والمقصود به القوى غير العنيفة ــــ غير العسكرية ــــ وهو مصطلح غير دقيق علميًا وأدبيًا، فلا يجوز وصف القوة بالناعمة أو الخشنة، فالقوى إما أن تكون تطبيقية أو معنوية، والقوى التطبيقية إما أن تكون مؤثرة فاعلة أو تأثيرية فعالة.  فلا يجوز على الإطلاق وصف القوى التطبيقية كالوزن والضغط والشد والجذب، والتنافر، …. وغيرها من القوى بالناعمة أو الخشنة، لأن صفة الناعم والخشن تتعلق بحاسة اللمس وصفات الأسطح والمواد.  وإذا أردنا اختيار مصطلح بديل لتعريف تأثير القوى المعنوية كالآداب والفنون ـــ وعلى وجه الخصوص الأعمال الدرامية ــــ يمكن اختيار مصطلح «القوى المعنوية» أو «قوى الدافعية» أو «القوى المحفزة».

كلمات شائعة فى حياتنا.. بقلم:  د. بلال محمد على ماهر

اعلان اسفل محتوى المقال

admin

الصحافة والإعلام..موقع عربي متخصص فى الثقافة والفنون والرياضة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock