محمد سلام يكتب: الدراما الصعيدية بين التقليد والتضليل (4)
مع حلول شهر رمضان الكريم في كل عام تتجه أنظار الملايين من المشاهدين لمتابعة ما يقدم من أعمال درامية على شاشة التلفاز والتي تؤثر بدورها بشكل كبير في قيم العديد من الناس وأذواقهم حيث إن الدراما تعد عنصرا هاما في تشكيل وعي المواطنين فهي تجسيد للواقع مع تقديم حلول لما يعانيه المجتمع من مشاكل وصراعات في قالب درامي
وتسيطر العديد من المفردات والمواقف الدرامية على أسلوب العديد ويكثر تداولها وتنعكس على أسلوب حياة البعض بالإيجاب أحيانا وبالسلب أحيانا أخرى
وتشكل الدراما الصعيدية مساحة كبيرة ينتظرها العديد من المشاهدين كل عام حيث تحتل المسلسلات الصعيدية نسب المشاهدة الأعلى بين المسلسلات وذلك للأسلوب الذي يتم به تناول هذه المسلسلات أو جدية ما يقدم ففي هذا العام نجد مسلسل العمدة جعفر وحضره العمدة وضرب نار وستهم وعمله نادرة مسلسلات تتناول قضايا وموضوعات في الصعيد لكن للأسف الشديد أصبح معظم ما يقدم من الدراما الصعيدية مغايرا للواقع تماما بل أصبح تشويها للعديد من القيم التي تربي عليها أهلنا في الصعيد وعلي الرغم من أن أرسطو يقول: إن الدراما هي المحاكاة للفعل أو الحدث، إلا أنها أصبحت مجرد عرض لما يراه الكاتب والمخرج جاذبا للمشاهد بعيدا عن الواقع الفعلي فهناك من يكتب عن الصعيد من خلال قراءات فقط وهناك من يقوم بإخراج مسلسل دون أن يعيش في الصعيد أو يعايش هذا المجتمع الذي تطور بشكل كبير مع تطور الحياة لكنه ما زال محتفظا بهويته وعاداته وتقاليده الأصيلة
أصبحنا نري القتل والحرق والخطف والبلطجة والأعمال غير المشروعة وأشياء كثيرة هي أبعد ما يكون حاليا عن الصعيد فالصعيد هو موطن القيم والعادات وبدلا من أن نظهر الصورة المتطورة والحقيقية للصعيد الذي أصبح يضاهي في تطوره العلمي المدن الكبرى فأصبحنا نري الجامعات الخاصة والأهلية والمدارس الخاصة المتطورة وأكاديميات كرة القدم ومراكز الثقافة المتطورة والسينما والمسرح وأيضا التطور المعماري فأصبحنا نري البنايات الكبيرة والمدن الصناعية والمزارع المتطورة وفي مجال الطب أصبح في كل قرية مستشفى وانتشرت المستشفيات الخاصة والعيادات الطبية ونوادي الشباب أصبحنا نري الشباب المتطوع في القرى يعمل ويساعد من أجل نهضة قريته ومساعدتهم ولقد شاهدت ذلك وبكثرة في قريتي شاهدت الشباب وهم يجهزون مظلات لكبار السن للجلوس في الظل أمام مكتب البريد لتحميهم من الشمس شاهدت الشباب وهو يقف مساعد ومنظم أثناء حضور القوافل الطبية وفي اثناء الانتخابات شاهدت مالم اشاهده في المدن الكبرى شاهدت التكافل بين الأغنياء والفقراء وخاصة في الأعياد وتوزيع الاضاحي شاهدت مساعده الفقراء للأغنياء والغير قادرات علي الزواج شاهدت اللحمة بين الشباب في حفلات الزواج حيث يقفون من كل العائلات لتجهيز مكان العرس واستقبال الضيوف واعداد الضيافة وتقديمها ليعطوا فرصه لأهل العريس للتفرغ لأمور اخري وكذلك بالنسبة للعروس حيث تجد عشرات الأقارب والجيران يساعدون في الخبيز والتنظيف واعداد العروس
هذا هو الصعيد تعالى الينا وشاهدوا الصعيد الحقيقي بدلا من عرض مغالطات لا علاقة لها بالصعيد فأصبحنا نري الرجل الصعيدي اما مزواج، او خائن، او بلطجي حتى اللغة المستخدمة مغايره تماما لما نسمعه وكما قال الدكتور احمد خالد توفيق
الممثلون في التليفزيون لا يقلدون الصعايدة عندما يتكلمون. لكنهم يقلدون الصعايدة اللذين رأوهم في التمثيليات السابقة! هكذا يدخلون في قالب (ماخ برش- دلوميت) وينظر أحدهم للكاميرا ويبرم شاربه ويضيق عينيه مرددا (مليح جوي جوي بابوي ) بينما يكفيك أن تمشي خطوات إلي ميدان رمسيس لتعرف كيف يتكلم الصعيدي الحقيقي بلهجته الموسيقية المحببة للنفس.
هذا هو الصعيد يا ساده كفانا تشويها اذهبوا إلى الصعيد وتعرفوا جيدا على أهله بعادتهم وتقاليدهم ببساطتهم وتواضعهم وفي الوقت الذي بدأت تتلاشى فكره الثأر يقابلها التعاون والمحبة السائدة بين أهل الصعيد نجد الدراما تعيدها للأذهان وبشكل مبالغ فيه
لا نريد إلا تجسيدا لواقعنا الطيب لا نريد إلا صوره حقيقية للصعيدي بقيمه وتقاليده وعاداته،ولأن الدراما يمكنها تخطي الحواجز وتؤثر بشكل كبير في المجتمع لأنها تجسد ثقافة البشر وما يشعرون وجب أعاده النظر فيما يقدم من أعمال درامية تخص الصعيد.
هل ترى أن ما يقدم من أعمال درامية عن الصعيد صوره حقيقية للواقع الصعيدي؟
اكتب لنا رأيك
انتظرونا في رمضان وأيامه الحلوة 5
ياليله العيد انسيتنا المقاله القادمه انتظرونا