مقالات

محمد سلام يكتب :رمضان وأيامه الحلوة (2)

جاء رمضان ليزين لنا حياتنا ككل عام جاء ليملأ القلوب بالفرحة والبهجة والسعادة والطمأنينة جاء رمضان لندرب نفوسنا على تنقيه الروح من الذنوب ونقربها إلى طاعة الله. جاء رمضان لنكف عن الإصغاء إلي المحرمات من القول ونبعد عن الغيبة والنميمة. جاء رمضان للتقرب إلى الله من خلال قيام الليل، والصدقات، وتلاوة القرآن والاعتكاف وتصفية النية إلى الله
جاء رمضان ليعطي فرصة للمقصرين للعودة والتوبة إلى الله توبة نصوح وذلك بالعزم علي عدم العودة إلى ما اقترفوه من ذنوب
وليساعد الصالحين للارتقاء بعبادتهم فيكثرون من الصلاة والقيام ليمنح الأغنياء فرصه ليربتوا على أكتاف الضعفاء ويساعدون المحتاجين.
ومع قدوم رمضان يأخذني الحنين إلي رمضان في بيتنا القديم إلى العيش الشمسي، البط، المحيشي ، الملوخية، البامية، الرقاق، المكرونة بالباشميل ، الأرز اللحمة، قمر الدين، التمر، العرق سوس التمر هندي والكنافة وأم على كل هذه المفردات التي شكلت وجداننا والتي كان يكثر تداولها في رمضان في صعيدنا الحبيب مفردات تعرفها الأم وتحفظها وتحرص على توفيرها في رمضان لزوجها وأبنائها الأم التي ربما تتحمل العبء الأكثر في رمضان فهي لا تكاد تنتهي من إعداد الإفطار وتناول الأسرة له حتى تبدأ في التفكير في الإعداد للسحور هكذا كانت أمي -رحمه الله- عليها تستقبل رمضان بتنظيف البيت وتجهيز كل ما يمكن أن نحتاجه في رمضان وفي اليوم الأول تبدأ الإعداد للإفطار منذ الصباح. أما في قريتي الحبيبة وفي اليوم الأول يحرص الأطفال على الالتفاف حول بائعي الكنافة وقد جهزوا أفرانهم من أكثر من أسبوع قبل رمضان حتى تجف وتصبح جاهزة للاستخدام ويقف الأطفال في اليوم الأول ليأخذ كل منهم دوره لشراء الكنافة أو القطايف
أما بائع الفول المدمس والمخلل ففي أول يوم يكثر الزحام عليه لشراء الفول استعدادا للسحور فيبيعه في أكياس أو أن تتحضر معك ما تشتري فيه
ومع اقتراب موعد الإفطار يأتي بائعو الفجل والجرجير والخضرة ليجتمعوا في ركن ومعهم بائعو التمور.
في اليوم الأول في رمضان رغم كل ما كانت توفره أمي لنا لكنني كنت حريصا على الإفطار في المسجد حيث يجتمع المصلون لإفطار جماعي في المسجد ويشارك فيه هذا وذاك مما يخلق جوا من الألفة والمودة حيث التمر والكشك وتتنوع أكواب العصير ما بين قمر الدين وعصير ألتنك ومشروب الحليب الدافئ المخلوط بالتمر ويجلس الكبار والصغار في حلقة دائرية يجتمع فيها الكبير والصغير القريب والبعيد ترتفع الأيدي قبل الأذان داعيه “اللهم لك صمنا، وعلى رزقك أفطرنا، وبك آمنا، وعليك توكلنا، ذهب الظمأ، وابتلت العروق، وثبت الأجر إن شاء الله” ثم يبدءون الإفطار دون النظر إلى طبق من هذا أو ذاك وكثيرا ما كانت تختلط الأطباق والملاعق لتشابها فكانوا أسمع جديا زينهم -رحمه الله- عليه يقول ضاحكا مش مشكلة يا جماعة كل الملاعق عليها السنبلة وبعد الإفطار يعودون إلى منازلهم في جماعات لتكمله الإفطار الرئيسي مع أسرهم ثم يعودون أيضا في جماعات لأداء صلاة العشاء والتراويح يعقبها تلك الجلسة الرائعة التي كانت تجمع تقريبا كل الجيران أمام محل والدي -رحمه الله- عليه لتجد إبريقا من الشاي من هنا ودورقا من العصير من هناك
يجمعهم حديث من القلب، نفوس صافية لا تعرف إلا الحب والنقاء، جلسات لا تعرف للنميمة طريقا ولا للحقد منفذا، جلسات تحل فيها المشاكل وتسدين فيها النصائح. رحل منهم الكثير وبقيت ذكراهم في نفوسنا رحم الله
أرواحا لا تعوض ولا تولد مرة أخرى،
اللهم اغفر لمن عشنا معهم أجمل السنين وهزنا إليهم الحنين اللهم جمعنا بهم في جنتك
اللهم اغفر لأغلى من غابوا عن الدنيا وارحمهم واحشرهم في زمرة المتحابين فيك واجعل ملتقانا بهم في الفردوس الأعلى يا رب العالمين.
رحم الله ضحكات لا تنسى وملامح لا تغيب عن البال وحديثا اشتقنا لسماعه.
كل عام وأنتم بخير
إلى اللقاء في رمضان وأيامه الحلوة (3).

اعلان اسفل محتوى المقال

admin

الصحافة والإعلام..موقع عربي متخصص فى الثقافة والفنون والرياضة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock