د.بلال علي ماهر يكتب:جهاد الطلب وجهاد الدفع

الجهاد فى معناه العام هو بذل كل جُهد مشروع لإعلاء كلمة الله، وتبليغ رسالة الإسلام بجميع الوسائل المادية والمعنوية والأدبية، ونشر العدل والأمن، والرحمة والتراحم بين الناس فى المجتمعات البشرية دون تفرقة أو تمييز. والأصل فى علاقة الأمة الإسلامية بغيرها من الأمم هو تحقيق السلام، وترسيخ القيم الروحية، وإشاعة المبادئ الأخلاقية، وصون حرية الفكر والعقيدة.
والسبب الشرعى للحرب والتحريض على القتال هو مواجهة العدوان، وتحرير البلاد والعباد من الاحتلال، دون مخالفة يحرمها الدين. وللجهاد نوعان هما: جهاد الطلب، وجهاد الدفع.
فجهاد الطلب يهدف إلى حماية حرية نشر دعوة الإسلام، وإزالة الأسباب المعوقة لها، كما يهدف إلى الدفاع عن حقوق المستضعفين والمضطهدين فى الأرض وفق ضوابط قانونية شرعها القانون الدولى، وشروط شرعية حددها الفقهاء، وذلك لدرء الفتنة وجلب المصلحة. كما قال تعالى ﴿ وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله﴾ [الأنفال 39]. وغاية جهاد الطلب ومقصده تبليغ رسالة الإسلام دون إكراه أو تقييد كما قال تعالى ﴿لا إكراه فى الدين﴾ [البقرة256].
وقوله تعالى ﴿وما على الرسول إلا البلاغ المبين﴾ [الشورى 48]. وقوله تعالى ﴿فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنتَ مُذَكِّرٌ لَّسْتَ عَلَيْهِم بِمُصَيْطِرٍ﴾ [الغاشية 21ـــ22]. وفى العصر الحديث يجب إطلاق الحرية فى تبليغ الدعوة، واستخدام جميع الوسائط المتطورة، وتفعيل جميع وسائل الاتصال والتواصل الحديثة للدعوة وتبليغ رسالة الإسلام العالمية بمختلف اللغات فى سائر المجتمعات، مع وجوب إعداد العدة، وتكامل الإمكانات، وتدعيم الجيوش فى العالم الإسلامى للحفاظ على الأمة من الطامعين والمعتدين.
أما جهاد الدفع فهو واجب الدفاع الشرعى دون اعتداء لمواجهة المعتدين على الدين أو المجتمع أو الوطن أو الأرض أو العرض. ويزول حكم جهاد الدفع بزوال الاعتداء، وخروج العدو المغتصب من بلاد المسلمين. قال تعالى ﴿وقاتلوا فى سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين﴾ [البقرة 190].
وفى ظل الظروف العصيبة، والمستجدات الراهنة، يجب على الدعاة الواعين، والمثقفين المستنيرين، والمفكرين المنصفين، والقادة المخلصين المعاصرين الإفادة من الاتفاقيات والمعاهدات الدولية، وتضافر الجهود من خلال بنودها ووثائقها، وكذلك العمل فى ظل المحاكم الدولية، وتحفيز الجهاد الشامل من خلال أحكامها النهائية، وقوانينها وقراراتها المشروعة.