مقالات

محمد سلام يكتب : عندما تصبح حياتك “شير ولايك وترند” فقط

مع التطور الهائل للتكنولوجيا وانتشار العديد من منصات التواصل الاجتماعي لتصبح جزءًا لا يتجزأ من حياتنا، لجأ العديد من الناس إلى سلوكيات مصطنعة رغبةً منهم في تحقيق المزيد من “اللايك” والمشاركات، أو رغبة في تحقيق الترند أو الشهرة السريعة وزيادة عدد المتابعين. وبدلًا من أن تدعو هذه السلوكيات إلى الحفاظ على القيم والمبادئ التي تميز مجتمعنا عن غيره من المجتمعات، أو أن تقدم محتوى تعليميًا أو إرشاديًا مفيدًا، أصبحت وسائل التواصل مسرحًا كبيرًا لنشر الفسق والفساد والبلطجة. ولا أعني هنا التعميم، فهناك محتوى جيد ومفيد، لكنه لا يلقى الانتشار السريع ولا يحقق ما تحققه هذه السلوكيات السلبية التي أفقدتنا هويتنا وأثرت في قيمنا وأصالتنا.

فأصبحنا نجد استغلالًا لبعض القضايا الإنسانية للترويج الشخصي وتحقيق المكاسب الخاصة بدلًا من المساعدة. وقد نجد تقليدًا لمحتوى لا يمت إلى ثقافتنا ولا ديننا بصلة، بشكل مستفز ومثير للاشمئزاز. وقد نجد البعض يطلق تصريحات لا تمت للواقع بصلة سواء في مجال الرياضة أو التعليم أو حتى السياسة.

وأصبحنا نجد حتى الأطباء في المستشفيات يتسابقون في عرض العمليات الجراحية أو الوصفات المختلفة أو المواقف الإنسانية مع المرضى. وكذلك أصبحنا نجد بعض المعلمين أو مديري المدارس وهم يزرعون وينظفون المدارس بأنفسهم، ويتم تصوير هذه اللحظات التي ربما لا تحدث إلا هذه المرة فقط. وانتشر ما يسمى بالتجارب الاجتماعية المفتعلة والمنظمة في الشوارع والمجمعات التجارية كأسلوب للدعاية للبائعين أو لأصحاب المحال التجارية.

حتى الوزراء أصبحوا يتنافسون في عرض منجزاتهم وزياراتهم التي يزعمون أنها مفاجئة. وأصبحنا نرى العديد من الفنانين والرياضيين الذين انزوت عنهم الأضواء ليل نهار على كل وسائل التواصل يتراشقون بالسباب، وما يشبه ما نسميه “كيد النسا”، فهذا يسب ذاك ويرد الآخر بما هو أسوأ، ونجد من ينحاز لهذا أو لذاك.

أضف إلى ذلك سلوك البلطجة الذي يلجأ إليه بعض الشباب رغبة في الظهور أو الترند، مما ساعد على انتشار مثل هذه السلوكيات السيئة في مجتمعنا. لقد أدت مثل هذه السلوكيات إلى نشر ثقافة سطحية وفقدان للهوية الشخصية وتشويه للعديد من القضايا الإنسانية، مما كان له الأثر السلبي على الفرد والمجتمع.

يمكننا أن نبحث عن الشهرة أو الترند، لكن من خلال محتوى حقيقي يحمل رسالة قيمة للمجتمع، لا يسيء إلى ثقافتنا ولا يكون لمجرد الحصول على لحظة عابرة. ولا ننسى أننا نساعد في نشر هذه السلوكيات بشكل ربما غير مباشر من خلال متابعتها ومشاهدتها للضحك أو التسلية، وإرسالها للآخرين أو عمل “لايك” و”شير”.

اعلان اسفل محتوى المقال

admin

الصحافة والإعلام..موقع عربي متخصص فى الثقافة والفنون والرياضة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock