مقالات

د.أحمد محمود سلام يكتب: الإسعاف النفسي لأطفالنا في محيط الأزمات

في تطور ملحوظ خلال الأعوام الماضية تغير نسق الجرائم في المجتمع المصري، ومرجع ذلك الي العديد من العوامل بعضها مرتبط بالتكنولوجيا وبعضها مرتبط بالعنف الأسري والسلوك المضاد للمجتمع والمرأة والطفل وإزدياد الجرائم المرتبطة بالمخدرات، وبعضها مرتبط بالإضطرابات النفسية (إضطرابات الذهان Psychosis- والاكتئاب الشديد مع الأعراض الذهانية – وإضطراب الشخصية المضادة للمجتمع Antisocial Personality Disorder – وإضطراب الهوية التفارقي Dissociative Identity Disorder والضغوط النفسية وغيرها )
وفي كل موقف أو حدث تهتز فيه مشاعر الإنسان خوفا وقلقا وشعور بالذنب والكآبة واليأس، وأكثر من يتضرر من تلك الجرائم والأحداث من هم في محيط الحدث سواء بالتضرر المباشر أو غير المباشر، إلا أن هناك فئة هي الأكثر تضررا علي الإطلاق الأطفال في محيط هذه الحوادث حيث يكونون الأكثر عرضة للتأثر، لأنهم في مراحل تكوينهم النفسي والعاطفي.
يتميز الأطفال بحساسيتهم العالية تجاه المواقف العاطفية والبيئية المحيطة بهم.
فالأحداث العنيفة أو الصادمة قد تشكل تهديدًا لاستقرارهم النفسي، مما يؤدي إلى مشكلات طويلة الأمد مثل القلق، الاكتئاب، واضطرابات ما بعد الصدمة (PTSD). لذلك، فإن توفير الدعم النفسي الفوري والمستمر للأطفال في محيط الحادث هو خطوة حيوية لحمايتهم من هذه الآثار السلبية.
ربما يري البعض أن ذلك من باب الرفاه النفسي لكن ستصبح الصورة أكثر واقعية وعمقا عندما يتعلق الأمر بتساؤلات رئيسية حول كيف يتناول الأطفال تلك الأحداث وما هي السيناريوهات التي سيخلقها خيال الطفل ليتعايش معها طوال حياته؟ وما هي الأضرار المباشرة التي سيعاني منها الطفل جراء تكرار تلك الأحداث في مخيلته ؟ وما هي المعلومات التي سيتبناها في تكوينه المعرفي والنفسي من مصادره المحيطة سواء كان بعضها صوابا او خطا ؟ وما قيمة الحدث بالنسبة للطفل نفسه فهل هناك فقد مباشر وضرر واضح ام أن الحدث هامشي وسيتمكن من تجاوزه؟
الاجابة علي تلك الأسئلة وغيرها سيشكل وعيا للاباء حول مستقبل ابناءهم في محيط الأزمة، ( الحادث)، وخاصة في ظل المجتمعات الأكثر انغلاقا والتي يعد الدعم النفسي فيها احد اوجه الوصمة الاجتماعية وباختصار شديد فواجب الأسر لا يتوقف عند نهي الابناء عن الحديث وتكرار ما حدث فكما يتجالس الكبار ليضعوا تفسيرات وتأويلات وقصص يلعب الخيال فيها أحيانا الدور الأكبر ، يجلس الأبناء ايضا ويتناقلون أفكارهم عبر مجموعات اللعب وفي المدارس والتي حتما ستتأثر سلبا كأحد اوجه التفاعل الإجتماعي المحيط بالازمة ولذا فعلينا ان :
– نلاحظ ونقيم التغيرات السلوكية والنفسية لدي ابناءنا في محيط الازمة وملاحظة اضطرابات النوم من كوابيس وفزع او تبول لا ارادي أحيانا .
– تشجيع الأطفال علي التعبير عن مشاعر الخوف وطمانتهم بتفسيرات مبسطة بعيدا عن بشاعة الحدث .
– التأكيد علي استثناية الموقف لطمانتهم بأن هذه المواقف نادرة الحدوث.
– تعزيز العلاقة والجوانب الاجتماعية بصورة أكبر بين الأبناء وآباءهم نظرا لما قد يتوهمه الأطفال قياسا علي الأزمات المحيطة بهم في علاقاتهم باباءهم والمحيطين بهم.
– تعزيز الروتين اليومي والعودة السريعة الي روتين الحياة اليومي. ( المدارس – الواجبات – الأنشطة اليومية …الخ)
– شرح الجوانب المتعلقة بالثواب والعقاب وضوابط المجتمع للسلوك والجوانب الدينية والقانونية المرتبطة بها لتعزيز مفهوم العدالة الاجتماعية.
– الدعم النفسي والإجتماعي للأطفال ليس فقط استجابة لحالة طارئة، و إدارة لأزمة حالية بل هو استثمار في مستقبل الأطفال وبناء صحة نفسية تدعم مواجهتهم للتحديات في المستقبل.
– واخيرا : بعض المجرمين الحاليين والخارجين عن القانون هم ضحايا لخبرة معاشة اثناء طفولتهم لم يتمكنوا من تجاوزها ولم يقدم لهم الدعم النفسي المطلوب لذلك.

عافانا الله وإياكم

اعلان اسفل محتوى المقال

admin

الصحافة والإعلام..موقع عربي متخصص فى الثقافة والفنون والرياضة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock