مصطفى جمعة يكتب:مابين. سلمى وفيرينا …”محتار والله”
ما بين سلمى بنت “الأقصر”وفيرينا بنت “قوص”، محتار والله ،الأولى شاهدها النحات الفرنسي البارع فريدريك أوغست بارتولدي” في مثل هذا الشهر مارس من العام ١٨٦٩ على ضفاف النيل بجوار معبد الكرنك في عاصمة التاريخ الإنساني”طيبة” فاستلهم منها الإرهاصات الاولى لتمثال الحرية الموجود حاليا في مدينة مانهاتن ، بالقرب من نيويورك مقر الأمم المتحدة في الولايات المتحدة الأمريكية ،وكان نموذج التمثال الأولي عبارة عن مصرية محجبة، تلبس الثوب الطويل وتحمل “الجرة” التي ترمز للفراعنة بانها زاد الخير من عسل أو جبن أو زيتون لتكون رمزا للخير في مصر الحديثة، وكانت تحدو “بارتولدي” رغبة في أن ينصّب هذا التمثال عند مدخل قناة السويس وتحديدا في مدينة بور سعيد.
اما الثانية “فيرينا”ذهبت الي سويسرا في القرن الثالث الميلادي مع كتيبه حربيه مؤلفه من ٦٦٠٠ جندي مصري لاوروبا باستدعاء من الامبراطور الروماني لمساعدته في الحرب وعلمت كيف تكون الحياه و كيف يكون الانسان راقي متحضر ويدين الشعب السويسري كله لها بالفضل لكونها علمتهم النظافه والعفه ومن اجل هذا نحتوا لها عشرات التماثيل وفي يدها اليمنى ابريق المياه واليد الاخري “الفلايه”المصريه للشعر بناحيه واسعه وناحيه ضيقه لتنظيف الشعر .
سلمى عرض النحات الفرنسي بارتولدي تمثالها على الخديوي إسماعيل وهو مجسم لتمثال الحرية لكن ملك مصر حينذاك اعتذر عن قبول الفكرة نظرا للتكاليف الباهظة التي يتطلبها هذا المشروع، حيث لم يكن لدى مصر السيولة اللازمة خاصة بعد تكاليف حفر القناة ثم حفل افتتاحها، وتحول مسار “سلمى”من بورسعيد الي مناهاتن بعدما شيده في سبتمبر من العام ١٨٧٥من نحاس، وفولاذ، وخرسانة، وغرانيت واستبدل “الجرة”ب”مشعل” .
لقد زرت سلمى اقصد تمثالَ الحرية في العام ١٩٨٦ اثناء توقفي في نيويورك لمدة ٣ايام وانا في طريقي للمكسيك لتغطية بطولة كاس العالم لكرة القدم ،وموقع التمثال مكان مبهر يشعر فيه الزائر بالانبهار.. أنا لم أنكر الإعجاب به لكنني شعرت بالفخر امام كل رفاق في الوفد الإعلامي بان ملهمته فلاحة من بلدي، مكتوب على قاعدة تمثالها “هات المتعبين، والفقراء، والجموع التواقة لنسمات الحرية”.
وقلت لها كمال قال الشاعر :أكلمك الآن من غير أي وسيطٍ
ولا ترجمانْ..وأكتب نفسي…وتاريخَ أجدادي الرائعينَ…على صدر هذا المكانْ.