هات خمسين جنيه..مش معايا بعدين أعطيك خمسين جنيه…طيب عايزني أحبك ازاي وأنت مش عايز تديني فلوس.
أنت لازم تحبني بس عشان الفلوس ..طبعا أنا مبحبش تيته ومبحبش جدي؟..ليه لأنهم لا يعطوني فلوس؟
بس أنا بحبك من غير فلوس…هو أنا معاي شيء أعطيه لك أنت فاكر أن كل الأطفال دول بيحبوا أهاليهم كده ..طبعا لا دا بس عشان بيجيبوا ليهم لعب وحاجات…يعم هات خمسين جنيه خليني أروح وخليني أحبك شيل أيدك عني يلا يلا
كان هذا نصا لمحادثة غير مفتعلة بين أحد الإباء وطفله ذو السابعة ..دفعني هذا للتساؤل :
هل يجب أن يكون حبُّ أبناءنا لنا مشروطاً؟
أعنى أن حب الابن أو البنت لأبيها يرتبط بما يمكن أن يقدمه من هدايا أو تنفيذ لرغبات الطفل أو الطفلة وهل الفرد الذي ينفذ له والديه كل ما يطلب يمكن أن يحب والديه أكثر من غيره ممن لا يستطيع والديهم فعل ذلك؟
لقد أعتدنا على الحب غير المشروط وهو أن نحب أباءنا وأمهاتنا وأصدقاءنا ومن نعرف دون مقابل نعم المقابل قد يعضد أو يقوي العلاقة لكنه لا يمكن أن يكون أساسا للعلاقة فالعلاقة السوية بين أي فردين لا يجب أن تقوم على مساومة أو ابتزاز لأن الباحثون يقولون إن العقل مصمم للحب دون قيد أو شرط وذلك يعني أن تعطي دون تلقي مقابل رغم أن ذلك قد يصبح مصدراً للألم والمعاناة فالإباء والامهات يمنحون الحب لأبنائهم دون مقابل وهو حب نقي وهو أصدق أنواع الحب وقد يكون المقابل من بعض الأبناء الإهمال أو التجاهل أو حتى الأذى ولايعني هذا أن نلقي كل الحمل على الأبناء فحتى الإباء والامهات أنفسهم قد يفعلون الشيء نفسه وهو إظهار الحب والاهتمام والتقدير للأبناء مادامت تتوافر فيهم شروط معينة يريدها الإباء كالتفوق في الدراسة والطاعة والاحترام وغير ذلك من الصفات الطيبة.
وقد يشعر الفرد بالتمييز بينه وبين أخوته من حيث المعاملة لأنه لا تتوافر فيه تلك الشروط التي ربما تتوافر في أخيه او أخته ومن ثم يلجا إلى المجتمع الخارجي متمثلاً في الاقران وهذا يؤدي إلى مشاكل كبيرة بين الفرد ووالديه لذلك من الضروري أن يظهر الوالدان حبهما للطفل أو الفرد في كل الأحوال حتى لا يؤدي ذلك الى حدوث فجوة بين الأبناء ووالديهم.
والقضية لا تقف على العلاقة بين الأبناء والاباء، بل حتى العلاقة بين الزوج والزوجة فالحب غير المشروط بين الحبيبين أو الزوجين عادة ما يتصف بالرومانسية والإخلاص والحب الشديد والتضحية وهذا يساعد على تجاوز المشكلات التي تواجههم فكلاهما يرى الجانب الحميد لدي الاخر وغالباً ما يتغاضى عن العيوب الموجودة في الطرف الاخر فكلاهما يحب الاخر كما هو.
أما الحب المشروط فهو حب ناقص غير مكتمل وعادة ما تكون نهايته غير سعيدة لأنه ربما أحد الطرفين فقط هو الذي يعطي تلبية لرغبات من يحب وعندما يتوقف الطرف المعطي لاي سبب ما يراه الطرف الاخر تقصيراً.
والحب يجب أن يكون متوازنا ومتبادلاً بين الطرفين لأنه إذا كان أحد الطرفين هو الذي يحب بشكل أقوي من الطرف الاخر فقد يؤدي ذلك إلى حدوث مشاكل لان ذلك الطرف سيعاني من عدم مبادلة الطرف الاخر له والحب علاقة نقية لا تتطلب شروطاً الحب لان الحب أخذٌ وعطاءٌ مشاعرٌ لا ترتبط بالشروط…..
.