كانت معلوماتي عن الكتاب المسرحيين المصريين تتوقف وما تزال عند جيل الستينيات، واسماء العمالقة الكبار وأهمهم ألفريد فرج ونعمان عاشور وسعدالدين وهبه ويوسف ادريس وميخائيل رومان ولطفي الخولي ، فضلا عن بعض مسرحيات الكاتب الكبير الراحل توفيق الحكيم، وما قرأت من مسرحيات الكاتب المسرحي المتميز أبوالعلا السلاموني، وبعض مسرحيات الكاتب العبقري الراحل لينين الرملي والتي لم يتم تصوير عروضها تليفزيونيا، وأهدى نصوصها لي مثل نص مسرحيته الرائعة “بالعربي الفصيح”.
وأعلم أن ذلك قصور وتقصير كبير مني لأنني على يقين من أن هناك كتاب مسرح موهوبون ومتميزون من أجيال تالية لجيل الستينيات..شاهدت عدداً غير قليل من عروضهم من خلال مسارح الدولة والمسرح الجامعي، ويعانون من ظلم وتجاهل كبير، بل ويتم التنكيل بنصوصهم من خلال بعض المخرجين المسرحيين الذين يؤمنون بأن النص المسرحي لا يعدو أن يكون عنصرا ثانويا ومكملا ، ويمنحون لأنفسهم سلطة العبث بالنصوص كيفما يشاؤون، ويرفعون شعار:” ليذهب المؤلف إلى الجحيم ويحمد ربنا إننا عملنا له نص على المسرح”!
والحقيقة أن هذا الكلام حق يراد باطل، وصحيح أنه من حق المخرج المسرحي أن تكون له رؤيته الخاصة للنص ولكن بشرط ألا يشوهه ويجور على فكر المؤلف وينزع من النص كل شئ حتى الاسم أحيانا.
والمصيبة الأكبر أن المؤلف المسرحي المصري قد يكون محظوظا فعلا برؤية أحد أعماله ممثلا على خشبة المسرح، لأن معظم المخرجين المسرحيين سواء العاملين في مسارح الدولة أو مسارح الاقاليم أو حتى المسرح الجامعي، يفضلون النصوص الأجنبية المترجمة أوالممصرة ، حتى يستطيعون أن يتعاملوا معها بحرية تامة وعلى حسب هواهم وبدون أي ضابط ولا رابط، ويعبثون بها كيفما يشاؤون بدون اعتبار لحقوق نشر أو استغلال فني!
ولا أعرف لماذا لا يلجأ هؤلاء المخرجين إلى نصوص مسرحية لكُتاب مصريين معاصرين ، واذا فعلوا ذلك في حالات قليلة ومحدودة للغاية فإنهم عادة ما يختارون نصوصا من مسرح الستينيات وللأسماء التي تحدثت عنها في بداية المقال ولا نزال ندور في إطار نصوصها رغم تقديمها عشرات بل ومئات المرات على خشبات المسارح المختلفة.
ولا أفهم السبب في عقدة الخواجة هذه ، خاصة وأن معظم النصوص الأجنبية التي يختارونها لا تمت لواقعنا بأي صلة ولا تتناول قضايا تشغلنا من قريب أو بعيد ، ولذلك فهي عادة ما لا تلقى أي تجاوب أو تفاعل من الجمهور المصري، الذي انصرف بدوره عن ارتياد مسارح الدولة بسبب تلك العروض الغريبة علينا وعلى ثقافتنا.
ولست بالطبع ضد الاستعانة بتراث المسرح العالمي، مثل أعمال وليم شكسبير وغيره، ولكني ضد تجاهل كتاب المسرح المنسيين والمهمشين وأعمالهم، لأنها ستكون بالتأكيد أقرب إلى وجداننا وأصدق في التعبير عنا وعن حياتنا وواقعنا.