يمكن القول وبدون تحفظ عن فيلم “فوي فوي فوي” أنه فيلم محترم فنيا رغم بساطته وعدم ترفع صانعيه على الجمهور الواسع، ونأيهم عن النخبوية التي لا تصنع دائما أفلاما جيدة.
حضور الحكاية أو “الحدوثة” التي تغيب في كثير من الأفلام العربية هذه الأيام في فيلم “فوي فوي فوي” للمخرج عمر هلال، الآتي من ميدان الإعلانات وفي تجربته الإخراجية الأولى للسينما، كان في صالح الفيلم، وهذا ما يجعل شرائح من الجمهور قد تكون مختلفة تنجذب لهذه النوعية من الأفلام، كون الفرجة السينمائية فيها تكون مضمونة، لكن الإضافة التي نجدها في هذا الفيلم هو أن مخرجه يمسك العصى من الوسط فلا هو استسلم للكوميديا السهلة والبسيطة والتي كان من الممكن أن ينجر إليها بحكم طبيعة الفيلم ونوعية الممثلين الذين استعان بهم خصوصا بيومي فؤاد الذي يبدو أن المخرج لجمه ولم يدعه يكثر من “إيفيهاته وقفشاته” التي كانت ستفسد طبيعة الفيلم القائمة على كوميديا الموقف، مع لحظات ميلودرامية كانت فيها عين المخرج والمنتج على شباك التذاكر والجمهور الواسع، وهو أمر مشروع على أن يظل العمل الفني في مستوى لا يجعله يستجدي بكاء المشاهدين ولا ضحكهم، كما نجد في العديد من الأفلام الكوميدية المصرية حاليا.
التمثيل في الفيلم كان جيدا ويبدو أن المخرج كان صارما في إدارة ممثليه، إذ إضافة لبيومي فؤاد هنالك ممثلون يغلب عليهم طابع الكوميديا كانوا ربما سينحون.بالعمل إلى مستوى آخر . وقد لفت انتباهي الممثل الشاب طه الدسوقي الذي أدى دور صديق البطل بحرفية وبدون زيادات.
لحظات الميلودراما خصوصا مشهد حسن مع أمه بعد اكتشافه أن مشغلها ضربها ثم الذي تلاه حيث يشتكي لحبيبته المفترضة ويخبرها عن ظروفه وانخراطهما في البكاء، كانت نشازا وخارج إيقاع الفيلم وبنيته العامة.
دوافع شخصية المدرب لم تكن كافية كي ينخرط بكل ذلك الحماس من الأصدقاء الثلاثة في ارتكاب أعمال إجرامية، إذ كان ينقص هذه الشخصية الاشتغال على دوافعها وبنيتها وطريقة تفكيرها، لكن كل هذا غطى عليه الأداء المتمكن منه لبيومي فؤاد في واحد من بين أهم الأدوار التي شاهدتها له.
ربما أن نجاح الفيلم في الأيام الأولى لعرضه في الصالات التجارية المصىرية تجاريا ثم اختياره بعد ذلك ليمثل مصر في مسابقة أوسكار أفضل فيلم أجنبي يعد نجاحا للفيلم ولطاقمه المجتهد في إطار سينما تجارية لصناعها عين على شباك التذاكر مع الحفاظ على حد أدنى من الجودة الفنية وبدون النزول لمستوى مسف كبعض الأعمال التي نزلت بالسينما المصرية مؤخرا لمستوى متدن، لكن هذا لايعني أن هذا الفيلم ممكن أن ينافس في جوائز الأوسكار ويذهب بعيدا فيها، أو هذا على الأقل مابدا لي بعد المشاهدة الأولى له.