د. بلال محمد على ماهر يكتب:الشتات وأرض المنفى

نحن نعيش فى هذه الأيام فى عالم المتناقضات الصارخة، وتزييف الحقائق التاريخية الدامغة، وانحراف المبادئ الراسخة على صعيد العالم المعاصر، والعلمانية المندفعة نحو تحقيق المصالح السياسية، والهيمنة العسكرية، والأطماع الاقتصادية، والانحرافات الأخلاقية. البعض ينادي بحل الدولتين: دولة فلسطين العربية المشروعة، ودولة إسرائيل المزعومة صنيعة الصهيونية العالمية.
والبعض الآخر ينادي بتشجيع اليهود المهاجرين من بعض الدول الأوروبية إلى فلسطين من مثل: هولندا، والمجر، وألمانيا، وبولندا، وانجلترا، وفرنسا، وأسبانيا، وروسيا، وأيضًا اليهود المهاجرين من بعض الدول العربية من مثل: مصر، والمغرب، والجزائر، وعودتهم طواعية إلى دولهم الأصلية، وهذا الاختيار هو الأفضل لهم تجنبًا لمزيد من الأحقاد، وتفاديًا لمواصلة الصراع الدموي المتنامي، وهروبًا من المستقبل البائس فى أرض فلسطين المحتلة بالقوة المسلحة، ومواجهات المقاومة المشروعة المسلحة للشعب الفلسطينى، والمواقف الدولية المناهضة لدولة إسرائيل المحتلة، والكيان الصهيوني، والسامية الزائفة.
وفى حقيقة الأمر فاليهود ليس لهم حق الاختيار أو التفضيل لأن الله كتب على بني إسرائيل حياة الشتات، والعيش فى أرض المنفى بعد تدمير دولتهم فى أورشليم (بيت المقدس) وهدم الهيكل وسبيهم. وقد أقر الله عيش بني إسرائيل فى أرض المنفى كما جاء فى كتابهم العبري المقدس عن فترة السبي فى سفر إرميا (39-43) بقوله “هكذا قال رب الجنود إلى إسرائيل لكل السبي الذى سبيته من أورشليم إلى بابل ابنوا بيوتًا واسكنوا واغرسوا جنات (بساتين ومزارع) وكلوا ثمارها … واطلبوا سلام المدينة التى سبيتكم إليها وصلوا لأجلها إلى الرب لأنه بسلامها يكون سلام لكم”. ولم يقل الرب لهم عودوا إلى أورشليم (أرض المعاد) مرة أخرى ودمروا المدينة واقتلوا أهلها (شيوخها، ونسائها، وأطفالها)، وشردوا سكانها واحتلوا أرضها (أرض كنعان) دولة فلسطين العربية، واغتصبوا مقدراتها، وخالفوا الشرائع السماوية، وانتهكوا القوانين، وجمدوا المواثيق الدولية. كما حسم القرآن الكريم شتات اليهود فى أرض المنفى بقول الحق تبارك وتعالى ﴿وقطعناهم فى الأرض أممًا﴾ (الأعراف 168)، والمقصود فرقناهم فى الأرض ومزقناهم فيها طوائف بعد أن كانوا مجتمعين.
فلا يجب تشجيع اليهود المهاجرين إلى فلسطين للعودة إلى بلادهم التى هاجروا منها، بل يجب عليهم أن يتنصلوا من مزاعم الصهيونية الجائرة المتسترة بعباءة اليهودية المحرفة، واليهودية منهم براء، وامتثالهم لأمر الله وقدره، والرضى بالشتات والعيش فى أرض المنفى كما أراد الله لهم إلى أن تقوم الساعة.