مقالات

دكتور بلال علي ماهر يكتب: السند الفقهي فى مفهوم الشهيد والمجاهد

 

اختلفت الآراء فى مفهوم مصطلح الشهيد من غير سندٍ فقهي أو دليلٍ قطعي، فالبعض يرى  أنه خاص بالأحياء الشهداء من الناس استنادًا للآيات القرآنية من مثل:  الشهداء على العقود ﴿واستشهدوا شهيدين من رجالكم فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان ممن ترضون من الشُهداء﴾ (البقرة 282)، ﴿ ولا يأب الشُهداء إذا ما دعوا﴾ (البقرة 282)، ﴿ ذلكم أقسط عند الله وأقوم للشهادة﴾ (البقرة 282)، ﴿ وأشهِدوا إذا تبايعتم﴾ (البقرة 282)، ﴿ولا يُضار كاتب ولا شهيد﴾ (البقرة 282).  وكذلك شُهداء واقعة الزنا ﴿والذين يَرمون المُحَصنات ثم لم يأتوا بأربعة شُهداء﴾ (النور 4)،  ﴿واللاتى يأتين الفاحشة من نسائكم فاستشهدوا عليهن أربعة منكم﴾ (النساء 15).  وكما شَهِد المسيح (عليه السلام) على الناس قائلًا:

﴿ وقد كنت عليهم شهيدًا ما دمت فيهم فلما توفيتنى كنت أنت الرقيب عليهم وأنت على كل شيئ شهيد﴾ (المائدة 117). والبعض الآخر يرى أن الشهيد مصطلح متعدد المعاني للأحياء والمقتولين فى سبيل الله على حد سواء، استنادًا للقرآن والسنة، وهو مصطلح من نوع المشترك اللغوى، وهو كلمة لها رسم واحد تعرف بــ(الدال)، وهى متعددة المعانى من مثل:  العين (من الحواس)، وعين من الأعيان (وجيه وثرى)، وعين على القوم (جاسوس)، ونطوف حول العين (الكعبة)، وعين الماء (البئر).  والشهيد بمعنى الحاضر شاهدًا بالسمع والبصر، مؤكدًا وحكمًا على أى شأن من الشؤون. والشهيد الحاضر الذى أظله الزمان كقوله تعالى ﴿فمن شهد منكم الشهر فليصمه﴾ (البقرة 185).  والشهيد فى الاصطلاح الفقهي هو المقتول فى سبيل الله كما جاء فى الحديث ﴿للشهيد عند الله ست خصال، يغفر له فى أول دَفعة …﴾ (الترمذى).

كما تعارف الناس على مصطلح «المجاهد» بأنه المقاتل فى المعارك،  ويقتصر القتال فى سبيل الله على الجهاد لرفع الإكراه عن الناس أجمعين مسلمين كانوا أم نصارى أم يهودًا، وحتى لو كانوا من غير المؤمنين كى تكون كلمة الله هى العليا، وإطلاق حرية الناس فى اختيار معتقداتهم من غير إكراه.  وكما قال تعالى ﴿فذكر إنما أنت مذكر، لست عليهم بمسيطر﴾ (الغاشية21ـــ22).  والمقتول فى المعارك يطلق عليه شهيدًا من المفهوم، وذكر المفهوم أعلى من التفهيم لقوله تعالى ﴿ولا تحسبن الذين قتلوا فى سبيل الله أمواتًا بل أحياء عند ربهم﴾ (آل عمران 169)، وقد نزلت هذه الآية بعد مقتل حمزة بن عبد المطلب، ومصعب بن عمير يوم أحد، وهما من الشهداء وعند الله من الشاهدين.  والشهيد هو المقتول فى سبيل الله، والسنة وحي من السماء ترك الله لنبيه (ص) حرية التعبير عنه بلغته.  وعدم ذكر مصطلح الشهيد أو الشهداء المقتولين فى سبيل الله صراحة فى القرآن، وتخصيص ذكرهم فى السنة لحكمة خفية، وهو شأن من شئون الله.

 

اعلان اسفل محتوى المقال

admin

الصحافة والإعلام..موقع عربي متخصص فى الثقافة والفنون والرياضة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock