“ثور هائج”.. قصٌ غير تقليدي
كتب- إبراهيم عياد:
من خلال 25 قصة قصيرة تدور جميعها في أجواء ريفية من خلال بطل واحد هو “هاشم”، نجح القاص والروائي هشام شعبان في تقديم وجبة قراءة دسمة، أعادنا بها للماضي حين كان فن القصة في أوج ازدهاره وتألقه، قبل أن تحتل الرواية صدر الفنون الأدبية في ظاهرة يمكننا أن نتطرق إليها في وقت آخر.
المتتالية القصصية “ثور هائج” والتي صدرت عن دار العين للنشر في القاهرة، وجاءت في 112 صفحة، نجح خلالها الكاتب في تقديم الأجواء الروحية والمادية لصبي صغير في الريف ببراعة لغوية وبأسلوب قص غير تقليدي لا يعترف بعقدة الحكاية التي يعتبرها القطاع العريض من الكّتاب عنصرا أساسيا، ليقدم لنا قصصا مشوقة لا يشعر القارئ معها بالملل ويظل يركض وراء الكلمات والأسطر حتى يصل إلى النهاية فيفاجأ بما لم يخبره به القارئ في البداية والوسط.
من خلال قصص مثل “ثور هائج، هاشم ودودة القطن، رغيف شمس، سفر، الفرن، في رحاب القبر، غفوة، ليلة شتاء قارسة، عزاء ضاحك، البخيل والبطة، حلم تائه، زيارة المحافظ، ليل طويل”، قدّم الكاتب حكايات ومشاعر مختلفة ومتصلة مع بقية الحكايات التي يعيشها الصبي “هاشم” داخل منزلهم وفي الحقول وفي شوارع البلدة، ونوادره مع أمه وأبيه، وكذلك آلامه المكبوتة بسبب موت شقيقه المفاجئ، ثم موت أمه فيما بعد.
لقد نجح المؤلف عبر 112 صفحة في تساؤلات كبرى -من خلال عقل صبي صغير في قرية معزولة- حول الموت والحياة والغربة والمعنى الحقيقي للسعادة، كما لم تغفل بعض قصص العمل حس الفكاهة والسخرية من صفات وظواهر اجتماعية مثل البخل والنفاق والفساد.
إن اللغة التي استخدمها هشام شعبان تعكس قدرته وإمكاناته اللغوية الكبيرة، ويظهر ذلك في الوصف الدقيق لأجواء الريف بشكل مغاير للسائد والمألوف، وبصور أشبه بالصور السينمائية.
كذلك اتسم أسلوب الكاتب بالتفرد، فتراه في تناوله لثقافة الريف يسرد ذلك بدون تكلف، مثل توفيق المخاوي وموضوع الجن والربط، والاهتمام بالطعام الريفي على وجه الخصوص مثل العيش الشمسي وما إلى ذلك، وكذلك ضحك هاشم في العزاء.
يذكر أن هشام شعبان، صحفي وأديب مصري، وُلد في 19 أبريل 1992، وتخرج في قسم الصحافة بكلية الإعلام جامعة القاهرة 2013. عمل في عدد من المؤسسات الصحفية والمراكز البحثية المصرية والعربية.
صدر له من قبل عدّة مؤلفات، منها 3 روايات هي “الإفطار الأخير، سجن العقرب، ثلاثة ورابعهم كلبهم”، ومتتاليتان قصصيتان هما “ثور هائج، الحب على ضفاف بحيرة السلاحف”، إلى جانب النص المسرحي “أياما معدودات في الجنة”.
تُرجمت بعض أعماله إلى عدّة لغات، وحاز على جائزة إحسان عبد القدوس في الآداب، وجائزة تلك القصص للإبداع.