
أجمع العلماء والفقهاء قديمًا وحديثًا على أن أصحاب الفترة القدماء هم الذين لم تبلغهم رسالة سماوية أو دعوة رسول أو نبى، ويقال لهم أهل الفترة، وهكذا ما بين محمد (ص) وما بين عيسى (عليه السلام)، وهى فترة طويلة، قيل ستمائة عام، وقيل أقل من ذلك. وهم يُمتحنون فى الآخرة، ويُؤمرون يوم القيامة، ويُنهون، فمن أجاب دخل الجنة، ومن أبى وعَصى دخل النار. وسُميت فترة لأن الرُسُل كانت تَترى بعد موسى (عليه السلام) من غير انقطاع إلى زمن عيسى (عليه السلام) ولم يكن بعده سوى رسول الله محمد (ص). وكما ورد فى الصحيحين عن النبى (ص) أنه قال: “أنا أولى الناس بابن مريم، الأنبياء أولاد عَلَّات، وليس بيني وبينه نبى”، والمقصود بأولاد عَلَّات هم الإخوة لأب واحد وأمهات شتى. وليس فى القرآن الكريم ما يدل على أن أهل الفترة ناجون أو هالكون يوم القيامة
فكما قال الحق تبارك وتعالى ﴿وما كنا مُعذِبين حتى نَبعَث رسولا﴾ [الإسراء 15] وبذلك يقترن العذاب ببلاغ الرسل. ويرى الإمام «محمود شلتوت» شيخ الأزهر الأسبق، كما يرى شيخ الأزهر الحالى الدكتور «أحمد الطيب» أن كثيرًا من غير المسلمين المعاصرين يجب أن يعاملوا معاملة أهل الفترة، ولا يجب أن يعاملوا معاملة الكافرين، لأن الكافر يجب أن تَبْلُغه دعوة الإسلام الصحيحة، وأن يكون أهلًا للنظر فيها، والتدبر فى معانيها، كى يَتبين الحقيقة، فإذا نظر فيها وأيقن حقيقتها وصِدْقِها ثم أنكرها جحودًا، فهو كافر جاحد مستحق دخول النار.
وقد أنجبت مصر ثُلةٌ من الأعلام المبرزين، والعلماء النابغين، كانوا طلاب علم ضمن البعثات التعليمية بالخارج ومنهم: الإمام محمد عبده، والإمام عبد الحليم محمود، والأديب طه حسين، وجراح القلب مجدى يعقوب، وعالم الجيولوجيا فاروق الباز، وعالم الكيمياء احمد زويل، … وغيرهم من الأعلام. وجميع هؤلاء المبتعثين تعايشوا فى الخارج وأنجزوا مَهامِهم الدراسية والبحثية بجدارة واستحقاق دون صراعات أو مواجهات من أهل الفترة المعاصرين. وقد شيدوا جسورًا راسخةً بين الشرق والغرب بالفطنة والدراية، وحققوا تواصلًا فعالًا، وروابط حضارية متكاملة، كما أسسوا مناهج علمية لتبادل الثقافات والعلوم. ومن هذا المفهوم يتضح أهمية التمسك بالقوانين والأعراف الدولية، ومُؤازرة المنظمات العالمية المناصرة للقضايا العادلة للحفاظ على حرية الشعوب، وحقها فى تقرير مصيرها، وصون ثرواتها، ومناهضة الاحتلال وجميع الممارسات العدوانية التى تُهدر حقوق البشر فى كل زمان ومكان، فالعدل أساس الملك، وكما قال الحق تبارك وتعالى ﴿إنك لا تَهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء﴾ [القصص 56].