جيهان عبد اللطيف تكتب: الفيلم الماليزى”برجاء الانتظار على الخط” 90 مليون مكالمة احتيال !

يلقي المخرج والكاتب تان سى تنج الضؤ على ظاهرة مكالمات الاحتيال المصرفية من خلال فيلمه القصير الأول ” برجاء الانتظار على الخط”، الحائز على الجائزة الأولى فى مهرجان الاسماعيلية لدولى للأفلام التسجيلية والقصيرة الرابع والعشرين ،والذي يركز ليس على الضحايا ، ولكن على الأشخاص الذين تضطرهم ظروف الحياة القيام بهذا النوع من الوظائف. ماليزيا لديها أعلى معدلات المكالمات الاحتيالية في العالم ، حيث يصل عددها إلى أكثر من 90 مليون مكالمة في السنة بالرغم من أن عدد سكانها يمثل ثلث هذا العدد ، فقد أدى تعدد اللغات عند الماليزيين إلى ارتفاع هذا المعدل.

فى هذا الفيلم تقوم موظفة شابة بإجراء مكالمات احتيالية وفقاً لنص محدد تقوم بحفظه لتخدع العملاء. من خلال عملية تبدو تمامًا كأنها مثل التسويق أو البيع عبر الهاتف. بمجرد انتهاء وقت عملها ، تلتقي بصديق يتحدث معها نن كيف وأين يمكنها إجراء عملية إجهاض. بعد ذلك ماشرة تقابل الفتاة من أجل طلب المال إلى والدها ” سائق سيارة أجرة ” والذى يعتقد أنها تعمل فى تسويق السلع ، بينما  يشعر فى ذات الوقت أن ابنته وتواجه مشاكل بسبب طبيغة عملها ويزداد قلق والدها بشأن سلوكها. ولكنه لا يستطيع أن يحميها من رعب العالم لأنه لا يملك المال ،ولكن  يمكنه فقط مناشدة ابنته لإخباره بالخطأ حتى يتمكن من محاولة المساعدةولو حتى بالنصيحة.

تقوم بطلب الاقتراض من صاحب العمل ولكنه يرفض ونظرًا لأنها لا تستطيع العثورعلى المال اللازم لدفع تكاليف إجراء عملية إجهاض ، ينتهي بها الأمر بالاختلاس من الشركة التي تعمل لديها  حيث تجرى مكالمة احتيال لصالحها وليس لحساب الشركة، وهو الخيار الأسوأ حيث قام صاحب العمل بمحاولة قطع يدها فى زجاج نافذة السيارة وطالبها برد المبلغ الذى اختلسته.

يقدم المخرج تان سى إجابة على السؤال ، “من هم الأشخاص الذين يعملون في مكالمات الاحتيال؟” ، انهم أشخاص يتعاملون من خلال الجريمة المنظمة ، حيث يكسبون الملايين ويقومومن بتوظيف أشخاص فقراء لا يمكنهم العثورعلى وظائف لائقة أو أنهم يواجهون مشكلات تتطلب بعض المال السريع ، ومن الواضح أن بطلة الفيلم تنتمي إلى الفئة الثانية. من خلال هذا الفيلم لم يقم المخرج بالتركيز على ضحايا المكالمات كما هو معتاد ولكنه ركز على ضحايا من نوع آخر وهم الموظفون الفقراء الذين يحتالون على الناس بتلك المكالمات الإحتيالية نظراً للظروف الصعبة التى يواجهونها .

تفوقت ” كيندرا سو” في دور البطولة ، حيث تمكنت من إظهار انزعاجها وقلقها واضطرابها الداخلي الذى انعكس على تعبيرات وجهها مع كلمات قليلة جدًا ، يظهرابداعها بصفة خاصة فى مشهد نافذة السيارة ، حيث عبرت بوجهها وعينيها عن مشاعرها بصورة مؤثرة ورائعة.

هذا الفيلم يثبت للمشاهد أن مدة الفيلم ليست هى مقياس نجاحه ليصل إلى المشاهد فمن الممكن أن يمر فيلم مدته مثلا ثلاث ساعات جيد الصنع دون أن نشعر لطول المدة بسبب انجذابنا لجودة صنعه سواء القصة أو الاخراج بينما يمكن لفيلم مدته تسعون دقيقة أن يمروكأنه ساعات وساعات لشعور المشاهد بالملل . وهذا الفيلم القصير “برجاء الانتظار على الخط” برغم أن مدته 19 دقيقة فقط ، ولكنه يتميز بميزة فريدة تتمثل في الشعور بالطول والقصر في ذات الوقت. حيث تمر العديد من الأحداث بما فيها من أفكار ومشاعر وأحاسيس في إطار زمني قصيريمر بسرعة دون ملل  نظراً لإخراجه المحكم.

ينسج تان فيلمًا جذابًا بشكل لا يصدق مثيرًا وجذابًا. تقوم ” سو” بعمل رائع في السير على الحبل المشدود بين كونها امرأة شابة غير مجهزة بعد لمواجهة العالم القاسي ، ولكنها كبيرة بما يكفي لاتخاذ خيارات حياتية مهمة تلوح تداعياتها في الأفق.

وفى النهاية لا تستطيع ” سو” مواصلة العمل لأنه لا يصح إلا الصحيح وتهجز عن مواصلة نكالمة النصب الأخيرة فى الفيلم.

انه فيلم رائع والأداء التمثيلى من كل الشخصيات كان موفقاً جدا … كما أن المقدمة والنهاية دون موسيقى ولكن على جرس التلبفون ليجعل المشاهد يعيش القصة من أول إلى آخر لحظة .

 

 

 

 

 

Exit mobile version